کد مطلب:353453 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:445

القعقاع بن عمرو حقیقة ام اسطورة (3)
د. حسن بن فرحان المالكی

صحیفة الریاض - 11 صفر 1418 هـ ذكرت فی الحلقة الماضیة بعض الاقوال والحجج التی ذكرها الاخ عبدالباسط مدخلی مدللا بها علی حقیقة (وجود) القعقاع بن عمرو (الـمـصدر الوحید لاخبار القعقاع یشیر الی انها ناقلة امعانا فی الاخفاء علی القراء وقبلهم المشرف والمناقشین ان مـصـدر الـرسـالـة الوحید كان سیف بن عمر التمیمی فلو سقط لسقطت الرسالة الـمـدخـلی كثیرا فی خدیعة المناقشین بنسبة اخبار القعقاع الی تلك المصادر الناقلة وكذلك بنسبة اخـبـار الـقـعـقاع الی كتب مختلفة ومنسوبة ظلماالی مؤرخین متقدمین كالواقدی الواقدی قد روی اخبارالقعقاع ایضا وقـد حـاولـت فـی الحلقة الماضیة ان اذكر بعض الادلة (الاسنادیة) فقط علی بطلان نسبة كتاب (فـتـوح الشام) للواقدی فكیف بالادلة (المتینة) الكثیرة التی تكلم عن بعضها الدكتور محمد صامل السلمی ولو استطرد فیها لاخرجتنا من موضوع (القعقاع بن عمرو) الی موضوع آخر عن (بطلان نسبة كتاب فتوح الشام) للواقدی بـسـهـولة ان الكتاب منسوب ظلما الی الواقدی وقد صرح مؤلفه بانه ینقل عن ابن خلكان والطبری وامثالهما ممن لم یولدوا الا بعد وفاة الواقدی فـكـان اثـبـات الـمـدخـلـی لهذا الكتاب واصراره علی نسبته الی الواقدی حیلة من الحیل الكثیرة الـمـسـتـخـدمـة فـی كـثیرمن الدراسات الجامعیة للاسف، فالمدخلی لیس الا واحدا من كثیرین یعتمدون علی التحایل والضحك علی القراء والمؤسسات العلمیة معا.

ولـو كـان غـیـر ذلـك لما وجدنا مثل هذه الاخطاء الثقیلة الوزن التی یندی لها جبین العلم والبحث والدراسة (97، 105،112،191) من المجلد الثانی..مع ان مؤلف ذلك الكتاب كثیرا ما یذكر روایات سیف ولا یـشـیـر الـیـه الانادرا الـمزیدمن النقد لانه مجموعة من الاساطیر والاكاذیب والاهوال والمبالغات والقصص التی لم یفلح صاحبها فی التلبیس الا علی امثال المدخلی الذی یرید اثبات وجودالقعقاع بشتی الوسائل والاسالیب والمراجع ولو كان ذلك بالنقل عن كتاب (فتوح الشام) وساستكمل موضوع المدخلی فی الاسبوع القادم رد الماجد اسعدنی جدا ما كتبه الاستاذ حسام بن عبد الرحمن الماجد فی صحیفة الریاض یوم السبت 9 صفر 1418 هـ وكان الاخ حسام قد رد علی بمقال عنوانه (الامرلیس كما تصور المالكی حول شخصیة الـقـعـقاع) ذكـر نقاط مهمة ینبغی النظر فیها واننی قبل ان ادخل فی الحوار مع الاخ حسام احب ان اشكره علی لغته العلمیة ولعل مقاله اول مقال فی الرد علی لم اجد فیه طعنا فی النیات ولاتشویها لاقوال ولا بترا لـلنصوص فمقاله رغم صغر الحجم الا انه كان فیه تعقل الی درجة كبیرة رغم اننی اختلف معه فی كل الحجج التی اوردها والیكم البیان: الملاحظة الاولی حجة الاخ حسام (وهی الحجة الاولی) قوله: (ان دراسة التاریخ بهذا المنهج یؤدی الی رفض اغلب الـتاریخ الاسلامی) اسحاق - الواقدی - المسعودی - ابی مخنف)..

اقول: اولا: لیس صحیحا ان دراسة التاریخ دراسة جادة اسانیدا ومتونا انهاستؤدی الی رفض اغلب الـتـاریـخ الاسلامی فهذا التخوف الذی یبدیه الاخ حسام - رغم انه تخوف مشهور - ناتج عن عدم دراسـة لاحـداث الـتـاریـخ الاسـلامی خاصة عصوره الاولی فهناك اسانید كثیرة وصحیحة عن الـفـتوح والمعارك والفتنة والاحداث التی حدثت فی الصدر الاول فهذا التخوف والتهویل مبنی علی الجهل بالشی ء لا العلم به ثم اننی لم اشترط فی اثبات اخبارالقعقاع ان تصلنی باسانید صحیحة قـلت ان وجدتم صادقا او كذابا ذكرالقعقاع غیر سیف بن عمر فانا راجع الی اثباته وتوثیق سیف بـشرط الایكون ذلك (الذاكر للقعقاع) قد نقل عن سیف بن عمر واظن هذا فی غایة الانصاف ولیس من الانصاف ان تلزمنی باثبات القعقاع بناء علی روایات مؤرخ كذاب مثل سیف بن عمر ثـم ان هـذا الـتنزل الذی ذكرته فی الحلقتین الماضیتین كان خلاف المنهج العلمی وقد عاتبنی علیه بـعـض الاخوة وقالوا لیس من حقك ان تثبت القعقاع وتوثق بسیف بروایة كذاب آخر عـلـی یـقـیـن ان الكذابین لن یجرؤوا علی مثل اكاذیب سیف والـواقـدی والـمسعودی فهذا غریب لان هؤلاء یتفاوتون فابن اسحاق ثقة عند اكثرالمحدثین ولم یـطـعـن فیه الا القلیل النادر بحجج واهیة. نعم ابن اسحاق اتهم بالتدلیس فیبقی ثقة فیما صرح فیه بـالـسماع، اما الواقدی فقد وثقه بعضهم لكن اكثرهم علی تضعیفه، اما ابو مخنف والمسعودی فدون الـواقدی لكن هؤلاء كلهم فوق سیف بن عمر فلا یجوز ان نعمم ونزعم ان المؤرخین مطعون فیهم هكذا بلاتفصیل فهذا تعمیم غیر علمی لا یقره المحدثون ولا المؤرخون..

الملاحظة الثانیة الـحجة الثانیة التی اوردها الاخ حسام قوله بان (اجیالا من المؤرخین المحققین مثل ابن كثیر وابن الاثیر وابن حجر.. جاءت بعد سیف بن عمر وقبلوا روایته وخصوصا اخبار یوم القادسیة ولم ینكر ذلك احد من معاصریه ولا ممن جاءبعده) اقـول: لم یخف علی ساعة كتابة المقال الاول ان من المؤرخین بعد القرن الثالث بداوا ینقلون روایات سـیف بن عمر لان الطبری ضمن كثیرا منها فی كتابه (تاریخ الامم والملوك) وكان تاریخ سیف بن عمر مهملا فی القرن الثانی والثالث واول من اشهره كان الطبری رحمه اللّه..

لـكـن لعل الاخ حسام یتفق معی ان البحث التاریخی بل والحدیثی لایعترف بالتقلید فالدراسة والبحث عـن الـحقیقة المجردة لاینتهیان بزمن معین دون غیره وقد استدرك ابن كثیر وابن حجر علی من قبلهما ولم یاخذا ببعض ما اثبته السابقون فما المانع ان نترك بعض ما نقله ابن كثیر او ابن حجر اذا تـبـیـن لـنـا بـالـدلـیل والبرهان ان الصواب فی ترك ذلك.. وقد ذكرت فی الحلقة الماضیة ان ابن حجرنفسه استدرك اكثر من الف من الصحابة علی من سبقه ونفی صحبتهم وكم من حدیث نقله بعض السابقین لكن لنا الحق فی الحكم علیه بالصحة او الضعف وكذلك الاحداث والتراجم، لیس هناك نص شرعی ولا دلیل عقلی یمنعنا من مخالفة ما ذهب الیه بعض المتقدمین.

اما قول الاخ حسام بان احدا من معاصری سیف لم ینكر وجود القعقاع فاقول: بل لم یقره احد من معاصری سیف بن عمر الاولـی اشـبـه مـا یـكـون بالقصاص الذین لایتلفتون الی مؤلفاتهم واخبارهم. ولذلك لم یذكره علماء الجرح والـتـعدیل المتقدمون بجرح ولا تعدیل فلم یذكره یحیی بن سعید القطان ولا عبد الرحمن بن مهدی ولا وكیع بن الجراح وامثالهم، بل ولا نقل عنه البخاری فی تواریخه حرفا واحدا كما لم ینقل عنه یـحـیی بن معین فی تاریخه حرفا واحدا ولاابو زرعة ولاغیرهم من المتقدمین ولما ذكر سیف بن عـمـر عـنـد یـحیی بن معین قال: (فلس خیر منه) ثم تتابع الائمة علی تضعیفه وعدم الالتفات الی روایاته التاریخیة فضلا عن الحدیثیة اسـحـاق ومـوسی بن عقبة وعروة بن الزبیر وامثالهم. ولذلك لم تجد المؤرخین ولا المحدثین فی الـقـرون الـثلاثة الاولی ینقلون حرفا من روایات سیف بن عمر لاعن القعقاع ولاغیره مما اورده سـیـف مـن احـداث. ثم جاء الطبری نهایة القرن الثالث ونقل عن سیف وكان للطبری منهجه الخاص افصح عنه فی المقدمة، ثم بدا الناس ینقلون عن الطبری بلا تدقیق فی الاسانید ولذلك نجد ابن كثیر یـقـول (قال ابن جریر الطبری:) ثم یسرد روایة لسیف او غیره ناسبا ایاها للطبری مع ان الطبری مجرد ناقل لهذه الروایة الملاحظة الثالثة الحجة الثالثة التی ذكرها الاخ حسام قوله بان (القول ان جمیع اخبار القعقاع لم یذكرها الا سیف بن عمر یحتاج الی بحث واستقصاء) اقـول: انـا اطمئن الاخ حسام - من جهتی - اننی لم اكتب الا بعد ان استقصیت واستخرجت روایات سـیف بن عمر (الثمانمائة) من تاریخ الطبری ودرستهاروایة روایة وقرات كتاب سیف المكتشف حدیثا الذی حققه الدكتور قاسم السامرائی وتتبعت اخبار القعقاع قدر طاقتی وازعم اننی استقصیت فـی الموضوع فیبقی علی الاخ حسام ان یستقصی ویتاكد بنفسه فان وجد خبرا اوذكرا للقعقاع عند غـیـر سیف فانا راجع الی قوله حتی ولو وجد ذلك الخبر عندراو كذاب فانا اقبل ذلك بشرط الا یـكون ذلك الكذاب قد روی عن سیف اونقل الخبر من سیف واظن ان هذا دلیل علی قوة الاستقصاء.

والاخ حسام مطالب بابطال هذا الاستقصاء او التسلیم بما سبق من تفرد سیف باخبارالقعقاع..

ثم ان سیف بن عمر لم یتفرد باخبار القعقاع فقط بل ان قرات روایاته وقارنتهامع روایات الاخرین وجـدت تـاریـخین مختلفین المشهور حتی یخفی اكاذیبه علی العوام..

الملاحظة الرابعة اما ما ذكره الاخ حسام من ان دمار بغداد قد اضاع كثیرا من المصادر فی اثبات القعقاع فهذه الحجة التی ذكرها الاخ حسام حجة مطاطة فی ظنی وینقصها البرهان والدلیل لانـه علی هذا القول یتوجب ان نتوقف فی تضعیف الاحادیث الموضوعة مـصـادرضـاعت فی دمار بغداد كانت تحمل متابعات وشواهد وربما اسانید صحیحة لهذه الاحادیث الـمـوضوعة نـسـخ لهذه المحرمات، وهكذا یمكن ان نتشكك فی كل حقیقة ونتوقف فی رد كل باطل بهذا التعلیل المطاط ثـم ان دمـار بـغداد بولغ فیه كثیرا ولم یشك العلماء بعد الدمار من ضیاع مصادرمهمة ولم یذكروا مصدرا واحدا مهما ضاع فی ذلك الدمار بل ان مصادر التراجم الموضوعة قبل دمار بغداد قد وصلتنا كـاملة مثل تاریخ البخاری الكبیر والصغیروتاریخ یحیی بن معین وكتاب الجرح والتعدیل لابن ابی حـاتـم وغـیـرهـا فـهـؤلاءاتفقوا علی اثبات التراجم المشهورة فلماذا لم نجد واحدا منهم یذكر تـرجمة للقعقاع ولو اسما فقط عن طریق غیر سیف بن عمر این ترجمة القعقاع فی طبقات ابن سعد وكـتـب البخاری وطبقات خلیفة بن خیاط وطبقات مسلم وتاریخ خلیفة وكتب الانساب وغیرها لماذا تتفق هذه الكتب علی ذ كر من هو اقل شانا وشهرة من القعقاع (تدمیر)ترجمة القعقاع فقط طـلبة العلم فی العراق والشام والحجاز والیمن ومصر والاندلس.. الخ فلا یجوز ان نبالغ فی الامر فوق حقیقته ونعطل البحث والدراسة لاحتمال ان دماربغداد قد اتی علی مایمنعنا من ذلك الملاحظة الخامسة ما ذكره الاخ حسام بانه یصعب اختلاق شخصیة مشهورة مثل القعقاع باخبارها واشعارها وقیادتها و امارتها.. الخ..

اقـول: هذه حجتی فی انه لا یعقل ان مثل هذه الشخصیة تبقی مجهولة ثلاثة قرون مؤرخ كذاب اما كون العهد و المدة بین سیف و القعقاع قریبة لا تبلغ قرنا فلا تدفع الحجة الاقوی السابقة و قرن من الزمان لیس بالمدة الیسیرة كما ان بقاء القعقاع مجهولاثلاثة قرون لیس بالامر المعقول ابدا..

الملاحظة السادسة مـا ذكـره الاخ حـسـام بان (الاخبار المختلقة یكون وراءها هوی او تعصب لمذهب او نزاع) فهذا صـحـیح وسبب اختلاق سیف للقعقاع وغیره ان سیفا كان معروفابالتعصب لقبیلته بنی تمیم كما كان بـعض المؤرخین الضعفاء مشهورین بالتعصب لقبائلهم. ولذلك نجد فی روایات سیف عشرات الابطال من بنی تمیم لم یذكرهم غیره..

امـا مـا ذكره الاخ حسام من ان (الاخبار التاریخیة لا تحتاج كل هذا التوثیق)فاقول: ایضا الاخبار التاریخیة لا یعنی ان نقبل الاكاذیب التی تخالف مااتفق علیه المؤرخون والمحدثون علی حد سواء. اما قـوله (ان الثابت مقدم علی النافی)فهذا صحیح اذا كان المثبت والنافی فی مستوی واحد من القوة اما ان یكون الثابت من طریق كذاب یعارضه مئات من الثقات والضعفاء علی حد سواء فهذاغیر مقبول ولا یقره عاقل..

واخیرا اشكر الاخ حسام الماجد علی اهتمامه ومشاركته..